ستة سيناريوهات مطروحة لما هو آتٍ
لم تصل كل المبادرات التي سعت لفرض حلّ سياسي في لبنان إلى مكان. حصلت محاولات عدّة لتقريب المسافات بين بعبدا و”بيت الوسط” من دون جدوى لغاية الآن، بدأت بطروحات رئيس المجلس النيابي نبيه بري واستُكملت بمساعي الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وصولًا إلى مبادرة البطريرك الماروني بشارة الراعي، إضافة الى المساعي المتواصلة للمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم. كلّها تعرقلت بسبب شروط متبادلة بين فريقي رئيس الجمهورية ميشال عون والمكلّف بتأليف الحكومة سعد الحريري بشأن عدد الوزراء، الثلث الضامن، التسميات، موازين القوى داخل مجلس الوزراء العتيد. لكن هناك قطبة مخفية لها علاقة بتمثيل “حزب الله” في الحكومة: لا ترضى عواصم عربية ان تبارك خطوة الحريري بتأليف حكومة تضمّ أسماء مقرّبة أو محسوبة على الحزب المذكور، ولا يريد ولا يقدر الحريري على تأليف حكومة من دون إشراك “حزب الله”. فإلى متى تبقى الشروط المتبادلة موجودة إلى جانب تلك القطبة المخفية؟.
هناك سيناريوهات عدة مطروحة لما هو آت:
أولاً، في حال بقي الاستعصاء السياسي يمدّد زمن التعطيل القائم، فإنّ الأزمة الاقتصادية تتّسع وتخلّف وراءها مساحات واسعة من الأضرار المعيشية نتيجة تدهور قيمة العملة الوطنية أمام الدولار. عندها ينكسر اللّبنانيون أمام غلاء المعيشة، وتزداد الإضطرابات في الشارع إلى حين حصول فوضى. بعدها، يتدخّل الجيش والقوى الفاعلة لإعادة لم البلد، ويتم فرض حكومة إنقاذ وطني مسيّسة لا تكنوقراط بقوّة الواقع المأزوم، تسعى لوضع حد للانهيار، بدفع دولي خجول، ثم يحصل التوافق على قانون إنتخابات وفاقي جديد لرسم المعادلة السياسية المقبلة.
ثانياً، ينتظر لبنان مساراً إقليمياً دقيقاً على مشارف التفاوض الأميركي- الإيراني، لتحديد التموضعات. في حال أضاءت واشنطن وطهران الضوء الأخضر للبدء بمفاوضات بينهما، فإنّ الصدى الإيجابي سيتردّد في أكثر من عاصمة إقليمية، ومنها بيروت. ممّا يعني أنّ الانتظار مربوط بالاتفاق الأميركي-الإيراني المحتمل: اذا طال الوصول إليه سيتمدّد الترقب اللّبناني.
ثالثاً، كلّما اشتدّت الأزمات انفرجت. لذا، يمكن قراءة أبعاد التصعيد القائم في ساحات إقليمية، وخصوصًا أنّ السخونة بشأن اليمن ترتفع درجاتها في صواريخ حوثية تصل إلى مدن سعودية. ممّا يرجّح أن تكون تلك السخونة آخر صفحات الحرب هناك، لتفتح بعدها أبواب التسويات وتطال الساحات الإقليمية.
رابعاً، لا ينوي السعوديون تغيير موقفهم بشأن مستجدات لبنان، لا سلباً ولا إيجاباً، مهما كان حجم المطالبات الفرنسية في هذا السياق، بسبب موازين القوى اللّبنانية وتحديداً “حزب الله”. وإذا صحّت مقولة إنّ الحريري لن يشكل حكومة من دون مباركة سعودية، فإنّ الجمود باق لغاية إيجاد تسوية.
خامساً، لا تريد عواصم العالم نسف الاستقرار النسبي اللّبناني، وبالتالي فإنّ باريس ستعيد تدخلها وتحريك مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إزاء لبنان وتقديم أفكار تسووية جديدة على قاعدة أنّ لبنان أهم من الأشخاص. فهل يعني ذلك تكليف رئيس حكومة جديد بديلاً من الحريري الذي قد يقدم حينها على خطوة الاعتذار بسبب عدم قدرته على متابعة المهمة؟.
سادساً، نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية يُعلن رئيس الجمهورية ميشال عون عن تقديم تنازلات جوهرية تتيح تأليف حكومة جديدة يلاقيه فيها الحريري في منتصف الطريق.
كلّها مجرد سيناريوهات مطروحة، لكنّ العنوان الظاهر حتى الساعة: لا حكومة في الأفق القريب. وبالتالي فإنّ الأزمات ستتوالى، ويبقى المواطن هو الضحية الأساسية في كلّ اتجاه.
عباس ضاهر